السبت، 20 ديسمبر 2014

أشتاق إليها

تألمت.. فبكتني عيناها..
تعثرت.. فمدت لي يداها..
بكيت.. فحاوطتني أحضانها..
ماتت.. فمت أنا معاها..

فتحتُ عيني .. رأيتُ ملاكاً أبيضاً جميل.. لهُ وجهٌ حنون.. ابتسامةٌ عطوفة.. و ملمسٌ حريري.. لهُ رائحة المسك.. صوتٌ رقيق.. لمسةٌ لطيفة.. و بحنانه رافقني منذ طفولتي.. لَم يَمَل يوماً مني.. فرح معي في فرحي.. و في حزني سبقته دموعه لمواساتي.. كلما تعثرت في طفولتي حملني بين جناحيه.. طهر جروحي و منحني عنايته الى أن تشافيت..

كَبِرت و كَبرَت جراحي.. لم تعد تلك التعثرات أكبر همومي.. فأصبح ذاك الملاك أقرب أصدقائي.. شكوته همي.. شاركته أوجاعي و قاسمته أوقاتي.. لم يفارقني دقيقة.. و لم أجد في حياتي أدفى من أحضانه.. أرتمي فيها كلما خذلتني الدنيا..

أكتشفت بعدها أن الدنيا لم تخذلني بعد.. و حان الوقت الان لمعرفة مصطلح خذلان الدنيا.. بهت ملاكي و غلب عليه لونٌ لم أعرفه من قبل.. فابتسمَ ابتسامة طفولية عذبة و همَسَ في أُذُني "حان وقت الرحيل" خفقَ قلبي و رفض التصديق.. تمسكت بملاكي.. انقطعت عن دنيتي.. عشت معه.. لم املك حينها الا أن أرعاه و أطلب عناية الله.. و لكن كانت الظروف أكبر من محاولاتي الساذجة.. فراح ملاكي و غدوت انا بلا روح.. فلم يكن ذلك الملاك الا حياتي.. و لم تكن حياتي سوى أمي..

رحلت أمي و بقيت أنا.. بقايا انسان.. على لهفة الانتظار و أمل اللقاء.. أعد أمتعتي كل ليلة و أهمس في أذن القدر.. لم تكن تلك النهاية.. لم تكن تلك الا نهاية البداية.. أحمل ضمن أمتعتي حزمة أشواق.. و بضع كلمات.. أتساءل كل يوم.. ما الذي سأفعله ساعة لقياها؟ هل سأرتمي في أحضانها.. أم أقبل يداها.. هل اخبرها عن مدى شوقي لعيناها أم عن عذابي بفراقها.. أم سأصمت.. كطفل رضيع لا يملك الا الدموع.. أتشبث فيها.. و اطلق حروفي دموع و قبل.. أقبل راسها و يداها..

و ها أنا ذا.. أنهي رسالتي و أعود لأمل لقياها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق