السبت، 6 يونيو 2015

رجل العقوبة

سيسألني أحدهم يوماً..
"ما سر حبك للسحاب؟"
و سأجيب كاذبة..
أرى فيها العلو و الكبرياء..
فهي لا تبكي إلا خيراً و لا تغضب إلا ضياء..
كما قلت لك ذات مرة -كاذبة كذلك-
إني أحب فيها السمو..
هي ترتفع عن محيطنا و تعلونا بكل حب و عاطفة..
فتضلنا حيناً و ترزقنا حيناً..
لم أستطع أن أجاوبك يومها بصدق..
و ليس بوسعي أن أجاوبه بصدقٍ كذلك..
.
.
.
لأنني منكَ كنتُ أخجل..
ولا زلت أخجل حتى يومنا هذا..
أخجل منك
من صوتك
من عينك
و من طيفك إن حضر..
فلم أقدر على بوح الأسرار و مصارحتك بسبب حبي لغيماتي..
فكيف يا سيدي أصيغ جملة من حروفٍ بسيطة مفادها كلماتٍ قد تميتني أو تحييني؟
كيف أقول "لأنك أنت غيمتي" بلغةٍ لا تُفصحُ عن شدة تورطي؟
نعم, لا أستطيع بوح أسرار حبي لك..
خوفاً منك و عليك..
و خوفاً من نفسي و عليها..
.
.
.
بالمقابل.. لن أستطيع أخباره عن سبب حبي الحقيقي للسحاب..
لن أستطيع أخباره أني عشقت ذات يوم غيمة على شكل إنسان..
أو كان لي عزيز يعني لي السماء و ما فيها من سحابٍ و نجوم..
بكل بساطة يا عزيزي لأن هذا السائل سيعتبرني نصفه الآخر..
غير مدرك أن لا نصفٌ آخر لي.. و لا يكملني سوى السحاب..
.
.
.
و لكنني أُجبرت على حبه..
و أُجبرت على الحياة بعد أن تُوفيت فيك..
أُجبرت على تصنع السعادة..
و على الكذب و الكتابة بصمت..
و على التظاهر بنسيانك..
حاولوا إلغاؤك من حياتي بعصاهم السحرية..
بعد أن اتهموني بجرائمٍ وردية..
أبسطها جريمة التورط بعطرك..
و أبشعها تناول حبك جرعةٌ زائدة بمحاولة فاشلة لقتل المشاعر..
فحُبست.. و نُفيت.. إلى صحراءٍ قاحلة..
تُدعى رجل..
رجلٌ عادي..
رجلُ العقوبة..
ليس سماء..
ليس غيمة..
رجلٌ ليس أنت..