الجمعة، 24 أكتوبر 2014

أهواكَ بلا أملِ

أهواك.. أهواكَ بلا أملِ..
أحبك.. أحبك بلا سببِ..
أشتاقك.. أشتاقك بلا مللِ..
أعشقك.. أعشقك بلا هدفِ..

لم أُدرك مدى حبي لك إلا عندما أخذ صوت فيروز يملأ زوايا ذلك المساء الخريفي.. أهواك بلا أملِ.. أثارت كلماتها التساؤل في ذهني.. هل أهواك فعلاً؟ فأخذت أُراجع أفعالي مؤخراً..

وجدت نفسي استيقظ في كل صباحٍ متمنية رسالةً منك.. محتواها كلمتين فقط لا غير "صباح الخير" و لكنني لم أجد تلك الرسالة إلا نادراً.. و إن وجدتها كانت عارية من المشاعر بشكلٍ مخزي..

أُعد قهوتي الصباحية.. و بدون أن أبذل أي مجهود في التفكير أرى عيناك ترتسم في سوادها.. و هكذا ابتسم دون سبب.. بل أكذب.. أكذب دوماً و اتظاهر بأن القهوة كانت سر سعادتي.. بينما تكون عيناك سبب هذه السعادة اليومية ولا يدري أحد..

اتجه لمقر عملي.. يأتي صوت فيروز في كلِ صباح.. تغني سفيرتنا إلى القمر و كأنها تعرفني و تعرفك.. و كأنها هي من كتب قصتنا.. لتزرع في نفسي شيءً من الطمأنينة.. فمهما كانت قاسية قصتنا ستكون رقيقة كصوت الناي.. و مهما طول زعلي أنا وياك سأحبك كبر البحر و بعد السما..

ثم يحين أجمل ساعات يومي.. تأتي أنت.. كنسيمٍ بارد يمر في يومٍ صيفيٍ بائس.. كم أحب رؤيتك.. لا نتبادل السلام.. لا نتبادل الكلام.. فقط أراك.. أراك مثلما يرون محبي الفن لوحةً ثمينة من نسخةٍ واحدة.. معلقة على احد جدران متحف اللوفر.. مرسومة في القرون الوسطى.. فلا يحق لي الاقتراب منها أو لمسها.. لا يحق لي إلا رؤيتها من خلف الزجاج.. و أرى عيناها تتجه نحوي أينما ذهبت تماماً كالموناليزا.. و مع هذا اسعد جداً.. أسعد لدرجة أن يمتلئ يومي بالغيوم القطنية و أزهار الهايدرنجا الوردية..

أقضي بقية يومي في الكتابةِ و سماع الموسيقى.. فعقلي الباطن يحاول استحضارك بجميل صفاتك.. و ليس بيدي أي حيلةٍ لمنعه.. فأُطلق له العنان و اسمح له بحبك.. بالكتابة عنك و سماع موسيقاك..

يأتي أخيراً الوقت الأصعب من يومي.. وقت النوم.. يتحول ليلي إلى شتاء شديد البرودة لا أتحمله.. أتمنى فيه أن يسعفني دفئ صوتك.. يغطيني و يحتويني لعلي أنام بسلام.. و لكنني نمتُ دوماً بلا سلام و في شتاءٍ صقيعي..

هكذا أعيش أنا يومي.. بين صباح الخير المفقودة و تصبحين على خير الراحلة.. فأبيت على حنيني لصوته و أصبح على شوقي لصورته.. اقضي ساعاتي بحبه.. فليس لي أن اهوى غيره.. و سأبقى كما أنا بانتظاره أن يمنح الأمل لحبي.. و لِمرةٍ نغير مصيرنا المكتوب من قِبل جارة القمر..

اسمح لي أن أهواكَ هذه المرة بأملٍ..

السبت، 18 أكتوبر 2014

لقاء

التَقيكَ في كلِ مرةٍ و كأني ألتقيكَ لأولِ مرة.. لا أستطيع استيعاب جميعك في لقاءٍ واحد.. أو لقاءين.. أو مئةِ لقاء..

فبحضورك يا سيدي تعمى جميع حواسي و لا يبقى في كلِ مرةٍ إلا حاسة واحدة.. تحاول جاهدة استيعاب ما يمكن استيعابه.. فتستيقظ مرة عيناي و كأنها وُجدت فقط لتراك.. تتأملك عيناي كأنك لوحةٌ فنية لم ترَ مثلها من قبل.. تحاول فك رموزك.. تحاول احتوائك.. تحاول ضمك اليها.. أو بالأحرى يا سيدي تقومُ عيناي بأخذ صورٌ فوتوغرافية لجميع ملامحك.. فتحفظ لون عينيك و شكل وجهك.. تحفظ لون معطفك و عدد الشَيبات في رأسك.. لتقوم لاحقاً بمراجعة هذه التفاصيل سراً.. فأختلي أنا بعيناي لعلها تُسلمني البوم صورك لأحفظه في ركنٍ من أركانِ ذاكرتي و أخرجه متى اشتقتك..

و في لقاءٍ آخر.. أكاد لا أرى حتى المكان من حولي.. لتبات جميع جوارحي في سباتٍ مؤقت و يبقى مسمعي يقظاً متلهفاً.. يمنعني من نطق أي كلمة.. فكيف لحروفي أن تُنطق في حضرة كلماتك؟ التي رغم بساطتها لم تعشق أُذناي سواها.. فعَشَقَت أُذني صوتك دون أن تعرفك.. تَمَنَت أن تُخرس كل أصوات الكون لتعزف بصوتك على قيثارة الحب ايقاعها المفضل.. تَمَنَت لو امتد حديثك لساعاتٍ و أيامٍ و سنين.. فكم هي رومانسية أُذناي؟

و هكذا يا عزيزي في حضرتك تخونني حواسي.. فتتسابق طمعاً في مشاركتي حبك.. و الأهم من كل هذا يا سيدي انه في اخر لقاء قرر قلبي أن يتركني و يتجه نحوك.. منتهزاً فرصة انشغالي بعينيك و الذي لا أعتقد انه سيعود إليَ ابداً..
فإن انبهت لوجوده بين أشيائك.. أُهنئك.. فقد أصبح ملكك.. و رجوتك يا مالك قلبي أن تحتويه و تحافظ عليه.. فأنا لم أملك سواه قلب.. وليس لي غيرك حب..

الأحد، 12 أكتوبر 2014

عَودة

بيروت.. كانت وجهتي
نسيانك.. كان هدفي
حبك.. كان يحاصرني
صورتك.. لم تفارقني
صوتك.. بات في أُذني
مجروحةٌ.. عدت إلى بلدي
بحزنٍ.. لم يتحقق مطمعي

أَسَرتني نظراتك.. و اتعبتني ابتسامتك.. حضنتني كلماتك.. و احاطتني رعايتك الخفية.. اتعبني سفرك.. و ابكاني هجرانك.. بعثرني صمتك.. وجدت نفسي بعد زوبعة المشاعر استيقظ من غيبوبتي و انا ممتلئةٌ بك لحد الغثيان..

وجدت نفسي في حيرةٍ من أمري.. ماذا افعل بحبي و ألمي؟ يصعب عليَ نسيانك.. كما يستحيل عليَ حبك..

قررت أخيراً أن أسافر.. لعلي أجد في سفري مأوى يبعدني عنك و عن ذكراك.. فاتخذت بيروت وجهتي.. بلد الأرز.. بلد الجمال.. بلد الفن.. بلد الحب.. مقبرة مثالية لدفن حبي فيها..

اتجهت إلى المطار ناوية تركك و ترك كل مشاعري تجاهك في عاصمتك.. أن أبعثرها و أنا على متن الطائرة و أنثرها بين الغيوم.

سعيدة كنت بقراري.. أخيراً سأُخلص نفسي منك.. و لكن أتدري ماذا حدث في رحلتي؟ خانني قلمي! وجدت نفسي ارتب سطوري.. ممسكة بحبري لأكتب اسمك في أول صفحاتي.. اسمٌ من أربع حروف, يحفر في قلبي اربع مسارات.. مسارٌ للحب.. مسارٌ للشوق.. مسارٌ للعذاب.. مسارٌ للبكاء..

لم تكن رحلتي إلا بداية فشل خطة النسيان.. وصلت لبيروت.. بيروت السهر.. بيروت السمر.. بيروت الأدب و الجمال.. و بعد أن خرجت من مطار رفيق الحريري الدولي أجول شوارع لبنان.. فصٌعقت.. أين لبنان؟ لم أجده.. لم أجد تلك البلدة التي اعتدت ارتيادها.. وجدت بلد حزين.. مثلي تماماً فقدت بيروت شخصاً احبته.. أو بالأحرى سُلب هذا الحب قهراً من وسط قلبها.. وجدت بيروت تتغطى بوشاحٍ أسود حريري.. محاولة إخفاء دموعها عن الغرباء.. باتت موحشة مكسورة الجناح.

ما الذي حدث؟ أين ذهب كل ذلك الجمال؟ ربما لا زال الجمال موجوداً و لكن عيناي باتت لا ترى جمالاً بعدك.. لا أدري يا سيدي ما الذي حدث.. حزن بيروت انعكس على فؤادي أَم إن حزني هو الذي منعني من فرحة بيروت.. ام منعتني أنت.. لماذا لم تتركني و شأني؟ لِمَ لاحَقتَني؟ لماذا رأيتك في جميع أركان بلد الأرز؟ من جونيا إلى عالية لم أرى إلا طيوفك..

للأسف يا عزيزي رحيلي لم يزدني إلا قرباً و حنيناً إليك.. فالرحيل عنك صعب.. صعبٌ جداً يفوق طاقتي.. فرجوتك يا سيدي ارحل أنتَ عني.. ارحل دون مقدمات.. ارحل ولا تزُر بيروت.. لعلي أجد في رحيلك ذاتي التي تعلقت بوصالك..

هذه يا حبيبي مطالبي.. رجوتك أن تحقق لي ايها طالما عجزت أنا عن تحقيقها..

الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

رحيل

اتخذتُ الرحيلَ قراراً.. أن أرحل عنك.. و عن جمالك و عن عذابك و عن كلك.. فما حيلتي؟ ماذا عساي أن افعل؟ بعد أن غبت.. بعد أن بدأ غيرك مزاحمتك على مكانك في قلبي؟ أأحبك أم أحبه؟
و السؤال الأكثر واقعية هنا.. أتحبني أم يحبني هو؟ لماذا أرى بوادر الحب على محياه؟ و لماذا اراه يرسل لي إشارات حبٍ لم ترسل لي أنت مثلها من قبل؟

يُحبني و أحبك.. أواه لهذا التعقيد.. أحاول جاهدة أن أُبعده عني.. و ما أستقبل منه الا التقرب أكثر و أكثر.. و أنت.. ماذا أفعل بحبي لك؟ أخذل حبه من أجل حبك و لا حياة لمن أنادي.. نسيتني أو تناسيتني.. أو ربما قررت أنت أن تتجاهل ذلك الطوفان الذي يغمرني و لا يملأ حتى ربع مساحة عينك..

قل لي.. قل لي يا أحلى و يا أمر عذاب حصل أو يمكن أن يحصل لي.. قل لي كيف أتصرف.. إن كنت تحبني فأنا اليوم بين يديك و لك مطلق الحرية في أن تحبسني بين قبضتيك أو أن تتركني حرة طليقة.. أتحرر منك و من عذابك و لكنني لا أعتقد أنني سأتحرر من حبك ما حييت.. فلنفترض يا سيدي انك تركتني.. كيف سأُحب من بعدك؟ كيف سيكون بقلبي مكان لغيرك؟ كيف سأنساك؟ كيف سأعيش؟

قل لي يا سيدي ماذا افعل بالآخر.. كيف أقول له أن قلبي يتكون من حجرة واحدة.. ينام فيها معذبي.. و عيناي لا يملوها الا سبب شقائي.. كيف أخبره انه يستحق امرأة تحبه بصدق.. كما أحب أنا ناسيني.. كيف أخبره أن يداي ترفض إلا ملامسة يديه و مسمعي يأبى سماع غيره من الاصوات..

هل أسمح له بحبي؟ فالحياة مع من يحبكِ جنة و الحياة مع من تحبيه جحيم.. أليس هذا ما يقال؟ أليس هذا ما يقبله المنطق؟ هل ستكون حياتي جميلة مع من يحبني أم ستكون تعيسة بذكراك؟

أعتقد انك عرفت تماماً ما يدور في خاطري الان.. و ما يُشقي قلبي.. و بعد كل هذه المناوشات مع فكري قررت أنا بعيدة كل البعد عن قلبي و عن جميع مشاعري.. قررت أن أرحل.. أرح عنك و عنه و عن الجميع.. اعتنق حزني لفترة.. اتخذ الأزهار و الغيوم علاج.. لعل و عسى أن أجد نفسي.. أن يرتاح قلبي.. أن أنام أخيرا قريرة العين.. دون أن أفكر لساعاتٍ و ساعات يحبي لك و خذلاني له..

قررت أخيراً أن لا أحب.. لا أحبك.. ولا أحبه.. ولا أحب الا نفسي.. نفسي التي تركتها تهيم بك و تحزن عليه.. حان الوقت لأراضيها و لأعوضها ساعات العذاب و أيام الشقاء..


فوداعاً يا حبيبي.. وداعاً يا سيدي.. وداعاً يا عذابي..