السبت، 26 مايو 2018

دمية

ذهبت ياسمينة إلى السوق..
خطفت قلبها دمية جميلة..
بعلبة زاهية الألوان..
استمرت ياسمينة بالبكاء إلى أن اشترى لها والدها تلك الدمية..
كانت فرحتها بها أكبر من أن توصف..
مزقت غطاء العلبة بعفوية طفولية..
أخذت تلعب بالدمية الجديدة..
تتباها بها بين صديقاتها..
تعيدها كل يوم إلى علبتها حفاظاً على سلامة دميتها المفضلة..
استمرت على هذا الحال..
ياسمينة فرحة..
الدمية سعيدة..
و العلبة دافئة مطمئنة..
إلى أن اشترت دمية جديدة!
رمت القديمة في صندوق الدمى مع زميلاتها القدامى..
و بقيت العلبة خاوية موحشة..

الثلاثاء، 1 مايو 2018

فراغ

قيل لي ذات مرة..
أن الكاتب في حاجة دائمة للجرح..
فهو يستمد قوته من جرحه..
بل يملأ محبرته بحبر جروحه..
و يكون غالباً جمال النص بعمق الجرح..
. . .
اما الحكايات السعيدة لا تروي سوى نصوص فقيرة..
المفردات السعيدة لا تترك اي انطباع عند متذوقها..
يُمَل منها بسهولة..
و تبقى مركونة على أرفف الزمن..
. . .
و لكن..
ماذا لو كان الجرح أكبر من ان يُكتب؟
و اختلطت الدموع بالحبر..
ففاضت المحبرة حتى فضت..
و غلبت الشفافية على السواد..
و لم يبقى في جعبة الكاتب كلمات..
و رحلت الذاكرة مع من رحل..
. . .
ما الذي سيُكتب بروح فارغة؟
سيُكتب يا عزيزي الذي سيرسمه الفنان بلا ألوان..
سيُكتب الذي سيعزفه الموسيقي بلا آلات..
سيكتب الفراغ..
سيملئ صفحاته بياضاُ ببياض..
. . .
بدايةُ و انتهاء..
اهديك يا حبيبي صفحةُ بيضاء..
تشبه حبي لك..
و تشبه حزنك بي..

الأحد، 3 ديسمبر 2017

العوض الجميل

لمشاعرنا المستهلكة..
دموعنا المكتومة..
ابتساماتنا المبتذلة..
ارواحنا المهدرة..
أيامنا الرمادية..
و وقتنا الضائع..
اللهم العوض الجميل..
.
.
بقدر التعب..
الحزن الدفين..
الفرح الزائف..
الأحلام الوردية..
الأحاديث المصطنعة..
و الصبر غير المنقطع..
اللهم العوض الجميل..
.
.
لكل من جفا دون مبرر..
لكل من غادر دون رجعة..
لكل من أهمل دون سبب..
لكل من تلقى و أنكر..
لكل من اخذ و لم يعطي..
لكل من خذل الحب..
لكل من جرح دون قصد..
لكل من استرخص المشاعر..
لكل من استسهل الرحيل..
اللهم العوض الجميل..

السبت، 9 سبتمبر 2017

إسوارة

كُنت أملك إسوارة..
غالية جداً بمعناها و ليس بثمنها..
كنت أحرص على ارتدائها يومياً..
و تلميعها شهرياً..
إلى أن قَرَرَت إسوارتي دون سابق إنذار..
أن تنقطع..
و تقطع معها أمل إصلاحها..
رغم إنني حاولت كثيراً..
مراراً و تكراراً..
بكل السبل و الوسائل..
دون جدوى..
.
.
حزنٌ عابر..
و درسٌ عميق..
علمتني إسوارتي أن الوجع ليس بالضرورة أن يكون سببه عضوي..
و الفقدان لا يتحقق بالموت فقط..
و الدموع يمكن أن تنهمر في أي زمانٍ و مكان.. 

الأحد، 19 فبراير 2017

قائمة طلبات

قررت اليوم يا سيدي أن أرسل لك قائمة طلباتي..
لا تقلق!
إنها قائمة بسيطة بطلبات ظريفة..
بالنسبة لي هي كل شيئ..
و هي لك بالكاد تعني شيئ..
سأكون لبقة جداً..
و لن أطلب منك أن تفارق حياتي..
طلباتي كالاتي:-
سأتواضع و أطلب منك أن تفارق تلك الزاوية..
التي كنت تتسمر فيها..
و أبقى أنا أمامك أدرس حركاتك..
نظراتك..
ابتساماتك..
شعرك..
عيناك المخمليتان..
كوب قهوتك نصف الممتلئ..
سيجارتك شبه المنطفئة..
.
.
سأطلب منك أيضاً أن تغادر الأغاني..
كيف تمكنت من إقناع فيروز بضرورة تواجدك بجميع أغانيها؟
هل تواطئت مع الملحن؟
أم سكنت الكلمات؟
أرجوك.. أرجوك..
اعتزل الفن..
فأنا لا اطيق حياتي من دونه..
.
.
نتجه اللآن إلى أهم طلباتي..
اترك الغيم و شأنه!!
توقف عن ملاحقتي بغيومك الغبية..
و أمطارك الشقية..
التي أسمعها تسخر مني كلما هطلت و ذكرتني بك..
غيومك تختضني تارة..
و تبكيني ألف تارة..
فيا عزيزي, هلا تركت الغيم و شأنه؟
ليعود إلى طبيعته الحنونة..
صديقي القديم الذي افتقده..
.
.
و أخيراً يا سيدي..
الشيئ الوحيد الذي اطلب منك أن لا تغادره..
تبقى فيه ة تمتد..
كتاباتي..
لا تغادر كتاباتي..
التي لا تعرف رجولة كرجولتك..
ولا نظرات الا نظراتك..
ولا هيبة كهيبتك..
ابقى في قلمي..
ابقى في محبرتي..
ابقى في قلبي..

الخميس، 19 يناير 2017

موت و ميلاد

كيفَ تُمسَح الدموع؟
كيفَ تُبرى المشاعر؟
كيفَ تُنسى الذكريات؟
كيفَ يموتُ المرء و هو على قيد الحياة؟
.   .   .
أسئلة تدور في ذهن طفلةٍ عجوز..
ذرفت دموعها لتمسحها الرياح..
تركت مشاعرها شائعة لجمهور المتطفلين..
انسابت ذكرياتها حتى لبثت لا تفرق بين الماضِ و آلات..
تلك المسكينة..
ماتت في سن الزهور..
دفنت نفسها بين اوراقها..
.   .   .
سبب الوفاة:
جرعة زائدة من التفكير..
نزيف حاد في المحبرة..
أصابع ناقلة بين الفكر و الحبر..
.   .   .
المتسبب بالوفاة:
عيون عتماء..
قلب متحجر..
صديق..
.   .   .
حالة قلمها بعد الوفاة:
عاجزة عن الكتابة..
يقال بأن الكتابة وليدة الألم..
و هو كذلك..
و لكن لم يفسر أحد لتلك الطفلة بأن للألم مراحل..
فالشخص يكتب بشكلٍ جيد في حالة الألم السطحي..
و بشكلٍ جميل مع الالم المتوسط..
و بشكلٍ مجنون بل بمنتهى الجنون في حالة الالم العميق..
اما في حالة الموت..
فيكون القلم مرهق..
و الأوراق كئيبة..
لا يطيق أحدهما الآخر..
.   .   .
حالتها بعد الوفاة:
حيةٌ تُرزق..
بانتظار روحها التي قررت أخذ إجازة نقاهة..
غير محددة المدة..
تنتقل بين شواطئ الكتب..
و جبال الموسيقى..
حتى إشعارٍ آخر..

الأحد، 1 مايو 2016

حرام

مُحرمٌ في بلدي البكاء..
إلا في حالات الوفاة..
لَكِ أن تبكي على من مات..
إن كان طبعاً من الاقرباء..
من دونِ صراخٍ ولا آهات..
.
.
تذكري
حرامٌ.. حرام..
أن تذرفي الدموع على من غاب..
من هجر قلبكِ و أوصد إقفال الباب..
صحيح أنه كان لكِ طفلٌ و أبٌ و ملاذ..
لكن لا نسب بينكما ولا قران..
أحبيه كما تشائين في الخفاء..
لا تجلبي لأهلك العار..
و تَصَنَعي السعادة بوجه من خان الوفاء..
.
.
أنسيتم أنني فتاة؟
لي قلبٌ يفيض بالحنان..
و عينان بالدمع يمتلآن..
لم أعرف أن الحزن على الميتِ حرام..
أعزاءي ارحموني..
اتركوني أحزن على فقيدي..
اتركوني أشيعه باحترام..
أنزفُ ماء الزهر من قلبي بأمان..
و أبكي غناءً على عينيه الليليتان..
أكفن ذاكرتي بالورق و الأقلام..
أدفن حبيبي بين الشريان و الشريان..
دعوني اتوشح بالانكسار..
حزناً على من رحل..
و هو على قيد الحياة..