السبت، 20 ديسمبر 2014

أشتاق إليها

تألمت.. فبكتني عيناها..
تعثرت.. فمدت لي يداها..
بكيت.. فحاوطتني أحضانها..
ماتت.. فمت أنا معاها..

فتحتُ عيني .. رأيتُ ملاكاً أبيضاً جميل.. لهُ وجهٌ حنون.. ابتسامةٌ عطوفة.. و ملمسٌ حريري.. لهُ رائحة المسك.. صوتٌ رقيق.. لمسةٌ لطيفة.. و بحنانه رافقني منذ طفولتي.. لَم يَمَل يوماً مني.. فرح معي في فرحي.. و في حزني سبقته دموعه لمواساتي.. كلما تعثرت في طفولتي حملني بين جناحيه.. طهر جروحي و منحني عنايته الى أن تشافيت..

كَبِرت و كَبرَت جراحي.. لم تعد تلك التعثرات أكبر همومي.. فأصبح ذاك الملاك أقرب أصدقائي.. شكوته همي.. شاركته أوجاعي و قاسمته أوقاتي.. لم يفارقني دقيقة.. و لم أجد في حياتي أدفى من أحضانه.. أرتمي فيها كلما خذلتني الدنيا..

أكتشفت بعدها أن الدنيا لم تخذلني بعد.. و حان الوقت الان لمعرفة مصطلح خذلان الدنيا.. بهت ملاكي و غلب عليه لونٌ لم أعرفه من قبل.. فابتسمَ ابتسامة طفولية عذبة و همَسَ في أُذُني "حان وقت الرحيل" خفقَ قلبي و رفض التصديق.. تمسكت بملاكي.. انقطعت عن دنيتي.. عشت معه.. لم املك حينها الا أن أرعاه و أطلب عناية الله.. و لكن كانت الظروف أكبر من محاولاتي الساذجة.. فراح ملاكي و غدوت انا بلا روح.. فلم يكن ذلك الملاك الا حياتي.. و لم تكن حياتي سوى أمي..

رحلت أمي و بقيت أنا.. بقايا انسان.. على لهفة الانتظار و أمل اللقاء.. أعد أمتعتي كل ليلة و أهمس في أذن القدر.. لم تكن تلك النهاية.. لم تكن تلك الا نهاية البداية.. أحمل ضمن أمتعتي حزمة أشواق.. و بضع كلمات.. أتساءل كل يوم.. ما الذي سأفعله ساعة لقياها؟ هل سأرتمي في أحضانها.. أم أقبل يداها.. هل اخبرها عن مدى شوقي لعيناها أم عن عذابي بفراقها.. أم سأصمت.. كطفل رضيع لا يملك الا الدموع.. أتشبث فيها.. و اطلق حروفي دموع و قبل.. أقبل راسها و يداها..

و ها أنا ذا.. أنهي رسالتي و أعود لأمل لقياها..

السبت، 6 ديسمبر 2014

غيمتي

تصحى من نومها على صوت قطرات المطر الجميل.. الصوت الذي تعشقه لأبعد الحدود.. تجلس مع نفسها و تُعِد ذاكرتها على ظهر غيمة.. فترتسم على شفتاها شبه ابتسامة.. و تنزل من عينها شبه دمعة.. لأنها استدركت أخيراً أنه لا يربطها معك سوى بضع قطرات من مطرٍ شتوي دافئ..

لماذا أَحَبت المطر؟ أليس من الأجدر أن تكرهه.. لعلها بكرهها للمطر تنساك.. حاولَت مراراً و تكراراً أن تتعامل مع المطر على كونه حالة طقسية لا أكثر.. لم تدري أن الامطار حالة عشقية.. و أنكَ أنتَ غيومها.. باءت كل محاولاتها بالفشل.. لأنها تعرف تماماً أنها بهطول الامطار يعلن قلبها رسمياً بدء حالة استثنائية.. فيطلق صافرات الانذار.. تنبيهاً منه لباقي جوارحها ببدء موسم العشق.. فكيف لفتاة تعرفت على ما يسمى بالحب في موسم الامطار أن تتعامل معه كعابر سبيل؟ ذلك المطر الذي زامن كل مآسيها.. ففي فترات حبها أمطرت الدنيا عشقاً.. و في حزنها بكت الدنيا شفقةً عليها.. و في شوقها حاوطتها الغيوم بانتظار احدى المناسبتين السابقتين..

فأحبت المطر لأنه الوحيد الذي شهد حبك و حبها.. أحبت المطر لأنه ساندها في بعدك.. و أحبت المطر لأنه ذكرها بحبك كلما حاولت نسيانك.. فهل أنت يا عزيزي ابن المطر؟ ام كانت هي أُم الغيوم؟ هل كانت الشمس تناقضنا؟ ام نحن من قمنا بمناقضة انفسنا؟ هل أحبك أنا فعلاً أم أحب المطر فيك؟ ام هل أنت يا سيدي و يا سيد كل الغيوم لست إلا رذاذٍ جميل.. يملئ حياتي بين حينٍ و آخر بحبٍ طاهر يماثل تماماً طهارة قلبك.. أو ربما يا حبيبي كنتُ أنا غيمة وحيدة تمنحك حب كلما حاوطتك شمسٌ كئيبة..

فيا غيمتي و يا مطرتي و يا ديمتي.. لنكن أحباباً و لنمطر على الدنيا عشقاً.. فنحن لا نجيد إلا الحب..
 

السبت، 29 نوفمبر 2014

أبوابي

عند باب قلبكَ انتصب.. أتأمله ببطء.. و في ساعاتِ تأملي أغرق في بحرِ الأفكار.. أتساءل.. هل سأدخل هذا الباب يوماً؟ أتخيل نفسي أخطي أولى خطواتي في حجرة بيضاء جميلة.. يملأها الحنان.. ليست هي سوى قلبك.. خطوة تجر الثانية.. أتلمس ثناياها.. أعشق تفاصيلها.. أتخبأ داخلها كمن لم يرى مأوى من قبل.. أتلحف بأغطيتها كمن لم يذق طعم الدفء من قبل.. أغلق الباب خلفي لأحفظه من دخول غيري.. أحكم إغلاقه بمفتاح صنعته خصيصاً لبابك..

افرح قليلاً بمخيلتي ثم تتجه بي نحو دربٍ اخر.. تساؤلٍ اخر.. هل سيقف هو نفس تلك الوقفة ليس فقط امام باب قلبي بل امام باب بيتي؟ و ان تمت فعلاً.. كيف سيواجه ذويه؟ و كيف سأواجه أنا ذويي؟ سنستسلم لمخلفات التقاليد البائسة.. ام نواجه تطرفات المعتقدات الكاذبة.. او لعلنا نتخذ العشق سلاحاً.. و نسمح للحب أن يتخذ مجراه.. فالحب صانع المعجزات.. و أينما وجد الحب وجد الامل.. فليس لأحد أن يتذرع بأسباب وهمية ليخفي خيبته بالتخاذل عن حبه.. و ليس لأحد أن يتخذ النصيب عذراً للتخلي عن المحبوب..

هكذا قادتني أبوابي لبابي الأخير.. بابي الأجمل.. باب الدعاء.. باب الله.. فلا يرد القضاء الا الدعاء.. و لا يحل مشاكل البشر الا الله.. و العشق مسألة سامية.. يزيد سموها بالتوجه بها الى الرب.. فيا ربِ افتح لي بيبان قلبه و توج حبنا برضاك.. و اختمه لنا بالفلاح.. و ارزقنا الخير من عندك لا رازق سواك.. و الطف بحالنا يا ارحم الرحمين..
 

السبت، 22 نوفمبر 2014

سر

اقترب قليلاً.. امنحني بضع دقائق.. سأهمس في أُذنك عددٌ من الكلمات.. سأخبرك عن سر لا يعلمه أحد.. و لن يعلمه سواك..

سري الصغير هو إني أراك عشرات المرات يومياً على مدار سنةٍ كاملة و لكنني لا زلت حتى يومنا هذا أجهل لون عيناك.. لا أدري إن كانتا تحملان سواد الليل أم شقار البُن.. لكنهما بلا شك تحملان لوني المفضل.. و إن كنتَ تتساءل عن السبب.. فليس خجلي و لا عدم اكتراثي ما دفعني لإبعاد ناظريَ كُلما التقيا بناظريك.. بل خوفي من أن أقع في غرام نافذتين تطلان مباشرة على قلبك هو ما منعني من التدقيق في الالوان.. فأحاول كلما رأيتك أن أتحاشى النظر تجاه تلك العينين.. و إن اتخذَ قلبي المسار هذا.. يمحوه عقلي بمجرد رحيلك.. فيكفيني عذاب حبك.. لا حولَ لي على مواجهة عذاب عيناك..

لا تتظاهر يا سيدي بأنك لستَ على دراية بالعذاب الذي خلفته في فؤادي خلال رحلة حبك.. فعذبتني عندما اهديتني كبريائك مغلف بالحرير و معطر بالمسك.. اهديتني الهجر.. اهديتني البُعد.. و نسيت أن تهديني حُبك.. مع هذا كله تحملت.. و صبرت.. و تظاهرت بالسعادة.. فقط لان الكبرياء كان كبرياؤك.. و الهجر هجرانك.. و البُعد بُعدك.. فلكل شيء منك مذاقٌ خاص.. مذاقُ شهي لا يُقاوم.. احتسيه بغصة.. كمن يشرب القهوة للمرةِ الاولى.. لا يحس حين يرتشفها الا بمرارةٍ قاسية و لكنه يدرك ان ما سيأتي بعد المرارة شيءٌ جميل.. هكذا اتجرعك انا.. على مهلٍ و بألم.. أملي حبٌ قريب.. أو بعيد.. لا يهم.. ما يهمني فقط أن يأتي ذلك الشعور الجميل الذي يلي مرارة البُن..

بهذا تكون انتهت أسراري.. فاحتفظ بها لنفسك.. أو انساها.. الخيار لك.. و لكن لا تشاطرها الغير.. فلعلي أكتشفُ في يومٍ ما لون عيناك..  

السبت، 15 نوفمبر 2014

أشتاقك

أراكَ كلَ يومٍ و أشتاقك..
أُحادثكَ كلَ يومٍ و أشتاقك..
أسمعكَ كلَ حينٍ و أشتاقك..
أرافقكَ كلَ دربٍ و أشتاقك..
أستنشق رحيقكَ دوماً و أشتاقك..
أُحبكَ كل لحظةٍ من كلِ ساعةٍ في كلِ يومٍ و أشتاقك..

أرى هيبتكَ ترتسم أمام عيني مُعظم أوقات يومي الفقير لوصلك.. فيسبغ قلبي الشعور بالاطمئنان لكونك تتواجد في مداري الذي تتحول ألوانه بمجرد وصولك.. فيكسوه لون الورد اللطيف.. و ابتسم بدون سابق انذار.. و عندما تغيب, أرى خيالكَ يحاوطني.. أكتفي بوجوده و جماله البسيط.. لأنني إن لم أفعل.. أعلمُ تماماً أني سأغرق في محيطات السواد و الوسواس..

يأتيني صوتكَ كماءٍ عذبٍ باردٍ لمن عانى أيامٍ طويلةٍ من العطشِ في صيفٍ جاف.. تأتي أنتَ سحابة صيف لطيفة, تمنح و تجدد في قلبي أمل الحب.. تزرعُ بينَ كفوفي دعوةٌ أتوجه بها الى الرب.. ليبقيكَ دوماً في محيطي و أن لا يحرمني من نعمة حبكَ..

يلاحقني وجودكَ أينما ذهبت.. رعاية خفية تحيطني.. تحفظني.. تدفيني و تحبني.. و بالمقابل.. أحبها.. أخاف و أغار عليها.. كيف لا أغار؟ كيف أسمحُ لأحدٍ مشاركتي نَفَسي؟ أنت يا سيدي أنفاسي.. و أنتَ رائحة المسك التي أحيا و أموتُ عليها.. فاعذرني يا حبيبي.. لكن ليسَ لأحدٍ أن يشاركني نَفَسي..

مع كل هذا لا أزال أشتاق إليك.. ترسمُ لي بيديكَ الباردتين حدودٌ تزرعني في وديان الأشواق.. تبني لي بكل ما ملكتَ من قوة, سدوداً تمنع فيض المشاعر.. تمنعني  من المجاهرة بحبي.. تدفنني في صحرا التساؤلات.. فأشكك مرةً في حبك.. و أُشكك مرةٍ في حبي.. أتوهم خياناتك.. فأبكيك مُحاولة إطلاقك مع الدموع و لكن لا تنطلق.. لذا يا سيدي لماذا لا نتفق على حل؟ لماذا لا أدوس أنا على قلبي هذه المرة؟ و بينما تُصَفِق أنتَ لكبريائك.. أرحَل.. أنتظركَ في مكانٍ بعيد.. راجية منك حباً و شوقاً و حنيناً.. إلا إن أردتَ خذلاني.. حينها فقط تستطيع أن تهديني هجراناً و نسياناً و... حياةٍ جديدة

السبت، 8 نوفمبر 2014

أحب نفسي التي تحبك

أُحب أسمي عندما تذكره شفتاك..
أُحب كلماتي عندما تقرأها عيناك..
أحب شَعري عندما تلمسه يداك..
أُحب أناملي عندما تخط لكَ كلمات..
أٌحب عيناي عندما تمر أنتَ على بعد خطوات..
باختصارٍ يا سيدي.. أحب نفسي عندما تهواك..

فما لنفسي التي تعلقت بهواك.. و ما لوجدي التي تطلب رضاك.. و ما لعيني التي تتمنى رؤاك.. كيف اتصرف إزاء إعصار المشاعر الذي زرعتني في منتصفه؟ أخاف من فرط حبي أن تمنحني جفاك.. و في أعماق نفسي اتخذ قرار.. امنحك مفتاح الهجران.. و أشرع لك من قلبي بيبان.. باب النسيان.. باب الحرمان.. باب الهذيان.. فأجد نفسي تغرق في بحر الأحزان.. لا تستطيع أن تهديك للنسيان.. و لا تعرف عنوان الهجران..

هكذا تحبك روحي.. فلبي الطفولي يتخذ في كل مرة قرار هجرانك.. و يكسر في كل مرة هذا القرار.. فكيف لقلبٍ اتخذ الحب له سلطان أن ينساك؟ على يديك تعلم الحب.. و الشوق.. و الحرمان.. و على حبك تعلم الصبر.. و البكاء.. و الطَيَران..

فيا سيدي اتخذك قلبي خليل.. و كفراشةٍ جميلةٍ انتَظَرَ دخولك في زجاجة الحب ليغلق غطائه عليك بإحكام.. كل يومٍ يشاهدك بإمعان.. كل صباحٍ و ظهيرةٍ و عشية.. و عندما يقابله شحوب جناحيك يفتح الغطاء و يسمح لك بالرحيل.. ليندم على قراره لاحقاً و يحاول امساكك ثانيةً.. لم يدري قلبي المسكين انه في كل مرة يحبس نفسه داخل زجاجة عشقك.. فيسكر على خمرِ حبك.. يهرب و يعود.. يعود و يهرب.. يتوه في حبك.. يكفيه وجودك.. طلباته بسيطة و امانيه سامية.. يحزن, يفرح, يضحك و يبكي باسم الحب فقط لا غير..

لذا يزرعك قلبي في حقول الهوى.. يسقيك كل صباح.. ضارباً لحبك الدنيا كلها بعرض الحائط.. فيقتطفك زهرةً جميلة.. يتباهى فيها في زمن اللاحب و زمن اللا زهر..

السبت، 1 نوفمبر 2014

أسباب حبي

أحبك و لا أدري لِمَ أحبك..
أحبك لا لسبب.. فقط لأنني أحبك..
أحب الحب.. لذا أنا أحبك..

منذ متى كان للحب أسباب؟ أوليسَ الحب أعمى و شره خير؟ أوليس أجمل أنواع الحب هو ذاك الذي تتعثر به صدفة أثناء بحثك عن شيءٍ آخر كما تقول مستغانمي؟ فياهٌ لجمال العمى إن كنتَ أنتَ حبيبي.. و ياهٌ لجمال حبك و لو كان من غيرِ أسباب.. و لو افترضنا جدلاً أن للحب أسباب فستكون هذه أسبابي..

-لي عينان لا تبصران غير هيبنه إن حضر و مع غيبته يغيب نورهما.. و لا تدمعان شوقاً إلا إن رحل.. و لا ترمشان خجلاً إلا إن مرَ هو أمامي..
-لهُ قلبٌ طفولي أصفى من ماءِ نبعٍ يشق طريقه في ليلٍ ثلجي و بدون أن يعلم يحفر دربه وسط قلبي الذي عشقه بجنون..
-لي محبرةٌ لم تعرف في يومٍ الأدب.. و ها هيَ اليوم تخط أجمل ما يمكن تسبيبه باسم حبي الأعمى به.. أو حبي الأعمى له..
-له كلمات تسلبني أنفاسي.. تخطفني من دنياي لترميني على أحد شواطئ حبه الجميلةِ البعيدة..

هكذا عرفتُ أنا الحب.. و هكذا يجب أن يكون الحب.. أعمى و يصيب صاحبه بالعمى نفسه.. فلا يولد الحب بمجرد الاعجاب بصفة أو صفتين جميلتين بشخصٍ آخر.. بل الحب مجنون.. يولد بلا سابق إنذار..ليصيب صاحبه بشللٍ لطيف يمنعه من التصرف في حياته على نحوٍ طبيعي.. و كأن الدنيا تنعدم بمجرد وقوع الشخص في شباك الحب.. انعدمت و لم يتبقى فيها سوى شخصين متحابين تساعدهم كل عوامل الطبيعة طالما اتفقا هما على مساعدة حبهما..
 

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

أهواكَ بلا أملِ

أهواك.. أهواكَ بلا أملِ..
أحبك.. أحبك بلا سببِ..
أشتاقك.. أشتاقك بلا مللِ..
أعشقك.. أعشقك بلا هدفِ..

لم أُدرك مدى حبي لك إلا عندما أخذ صوت فيروز يملأ زوايا ذلك المساء الخريفي.. أهواك بلا أملِ.. أثارت كلماتها التساؤل في ذهني.. هل أهواك فعلاً؟ فأخذت أُراجع أفعالي مؤخراً..

وجدت نفسي استيقظ في كل صباحٍ متمنية رسالةً منك.. محتواها كلمتين فقط لا غير "صباح الخير" و لكنني لم أجد تلك الرسالة إلا نادراً.. و إن وجدتها كانت عارية من المشاعر بشكلٍ مخزي..

أُعد قهوتي الصباحية.. و بدون أن أبذل أي مجهود في التفكير أرى عيناك ترتسم في سوادها.. و هكذا ابتسم دون سبب.. بل أكذب.. أكذب دوماً و اتظاهر بأن القهوة كانت سر سعادتي.. بينما تكون عيناك سبب هذه السعادة اليومية ولا يدري أحد..

اتجه لمقر عملي.. يأتي صوت فيروز في كلِ صباح.. تغني سفيرتنا إلى القمر و كأنها تعرفني و تعرفك.. و كأنها هي من كتب قصتنا.. لتزرع في نفسي شيءً من الطمأنينة.. فمهما كانت قاسية قصتنا ستكون رقيقة كصوت الناي.. و مهما طول زعلي أنا وياك سأحبك كبر البحر و بعد السما..

ثم يحين أجمل ساعات يومي.. تأتي أنت.. كنسيمٍ بارد يمر في يومٍ صيفيٍ بائس.. كم أحب رؤيتك.. لا نتبادل السلام.. لا نتبادل الكلام.. فقط أراك.. أراك مثلما يرون محبي الفن لوحةً ثمينة من نسخةٍ واحدة.. معلقة على احد جدران متحف اللوفر.. مرسومة في القرون الوسطى.. فلا يحق لي الاقتراب منها أو لمسها.. لا يحق لي إلا رؤيتها من خلف الزجاج.. و أرى عيناها تتجه نحوي أينما ذهبت تماماً كالموناليزا.. و مع هذا اسعد جداً.. أسعد لدرجة أن يمتلئ يومي بالغيوم القطنية و أزهار الهايدرنجا الوردية..

أقضي بقية يومي في الكتابةِ و سماع الموسيقى.. فعقلي الباطن يحاول استحضارك بجميل صفاتك.. و ليس بيدي أي حيلةٍ لمنعه.. فأُطلق له العنان و اسمح له بحبك.. بالكتابة عنك و سماع موسيقاك..

يأتي أخيراً الوقت الأصعب من يومي.. وقت النوم.. يتحول ليلي إلى شتاء شديد البرودة لا أتحمله.. أتمنى فيه أن يسعفني دفئ صوتك.. يغطيني و يحتويني لعلي أنام بسلام.. و لكنني نمتُ دوماً بلا سلام و في شتاءٍ صقيعي..

هكذا أعيش أنا يومي.. بين صباح الخير المفقودة و تصبحين على خير الراحلة.. فأبيت على حنيني لصوته و أصبح على شوقي لصورته.. اقضي ساعاتي بحبه.. فليس لي أن اهوى غيره.. و سأبقى كما أنا بانتظاره أن يمنح الأمل لحبي.. و لِمرةٍ نغير مصيرنا المكتوب من قِبل جارة القمر..

اسمح لي أن أهواكَ هذه المرة بأملٍ..

السبت، 18 أكتوبر 2014

لقاء

التَقيكَ في كلِ مرةٍ و كأني ألتقيكَ لأولِ مرة.. لا أستطيع استيعاب جميعك في لقاءٍ واحد.. أو لقاءين.. أو مئةِ لقاء..

فبحضورك يا سيدي تعمى جميع حواسي و لا يبقى في كلِ مرةٍ إلا حاسة واحدة.. تحاول جاهدة استيعاب ما يمكن استيعابه.. فتستيقظ مرة عيناي و كأنها وُجدت فقط لتراك.. تتأملك عيناي كأنك لوحةٌ فنية لم ترَ مثلها من قبل.. تحاول فك رموزك.. تحاول احتوائك.. تحاول ضمك اليها.. أو بالأحرى يا سيدي تقومُ عيناي بأخذ صورٌ فوتوغرافية لجميع ملامحك.. فتحفظ لون عينيك و شكل وجهك.. تحفظ لون معطفك و عدد الشَيبات في رأسك.. لتقوم لاحقاً بمراجعة هذه التفاصيل سراً.. فأختلي أنا بعيناي لعلها تُسلمني البوم صورك لأحفظه في ركنٍ من أركانِ ذاكرتي و أخرجه متى اشتقتك..

و في لقاءٍ آخر.. أكاد لا أرى حتى المكان من حولي.. لتبات جميع جوارحي في سباتٍ مؤقت و يبقى مسمعي يقظاً متلهفاً.. يمنعني من نطق أي كلمة.. فكيف لحروفي أن تُنطق في حضرة كلماتك؟ التي رغم بساطتها لم تعشق أُذناي سواها.. فعَشَقَت أُذني صوتك دون أن تعرفك.. تَمَنَت أن تُخرس كل أصوات الكون لتعزف بصوتك على قيثارة الحب ايقاعها المفضل.. تَمَنَت لو امتد حديثك لساعاتٍ و أيامٍ و سنين.. فكم هي رومانسية أُذناي؟

و هكذا يا عزيزي في حضرتك تخونني حواسي.. فتتسابق طمعاً في مشاركتي حبك.. و الأهم من كل هذا يا سيدي انه في اخر لقاء قرر قلبي أن يتركني و يتجه نحوك.. منتهزاً فرصة انشغالي بعينيك و الذي لا أعتقد انه سيعود إليَ ابداً..
فإن انبهت لوجوده بين أشيائك.. أُهنئك.. فقد أصبح ملكك.. و رجوتك يا مالك قلبي أن تحتويه و تحافظ عليه.. فأنا لم أملك سواه قلب.. وليس لي غيرك حب..

الأحد، 12 أكتوبر 2014

عَودة

بيروت.. كانت وجهتي
نسيانك.. كان هدفي
حبك.. كان يحاصرني
صورتك.. لم تفارقني
صوتك.. بات في أُذني
مجروحةٌ.. عدت إلى بلدي
بحزنٍ.. لم يتحقق مطمعي

أَسَرتني نظراتك.. و اتعبتني ابتسامتك.. حضنتني كلماتك.. و احاطتني رعايتك الخفية.. اتعبني سفرك.. و ابكاني هجرانك.. بعثرني صمتك.. وجدت نفسي بعد زوبعة المشاعر استيقظ من غيبوبتي و انا ممتلئةٌ بك لحد الغثيان..

وجدت نفسي في حيرةٍ من أمري.. ماذا افعل بحبي و ألمي؟ يصعب عليَ نسيانك.. كما يستحيل عليَ حبك..

قررت أخيراً أن أسافر.. لعلي أجد في سفري مأوى يبعدني عنك و عن ذكراك.. فاتخذت بيروت وجهتي.. بلد الأرز.. بلد الجمال.. بلد الفن.. بلد الحب.. مقبرة مثالية لدفن حبي فيها..

اتجهت إلى المطار ناوية تركك و ترك كل مشاعري تجاهك في عاصمتك.. أن أبعثرها و أنا على متن الطائرة و أنثرها بين الغيوم.

سعيدة كنت بقراري.. أخيراً سأُخلص نفسي منك.. و لكن أتدري ماذا حدث في رحلتي؟ خانني قلمي! وجدت نفسي ارتب سطوري.. ممسكة بحبري لأكتب اسمك في أول صفحاتي.. اسمٌ من أربع حروف, يحفر في قلبي اربع مسارات.. مسارٌ للحب.. مسارٌ للشوق.. مسارٌ للعذاب.. مسارٌ للبكاء..

لم تكن رحلتي إلا بداية فشل خطة النسيان.. وصلت لبيروت.. بيروت السهر.. بيروت السمر.. بيروت الأدب و الجمال.. و بعد أن خرجت من مطار رفيق الحريري الدولي أجول شوارع لبنان.. فصٌعقت.. أين لبنان؟ لم أجده.. لم أجد تلك البلدة التي اعتدت ارتيادها.. وجدت بلد حزين.. مثلي تماماً فقدت بيروت شخصاً احبته.. أو بالأحرى سُلب هذا الحب قهراً من وسط قلبها.. وجدت بيروت تتغطى بوشاحٍ أسود حريري.. محاولة إخفاء دموعها عن الغرباء.. باتت موحشة مكسورة الجناح.

ما الذي حدث؟ أين ذهب كل ذلك الجمال؟ ربما لا زال الجمال موجوداً و لكن عيناي باتت لا ترى جمالاً بعدك.. لا أدري يا سيدي ما الذي حدث.. حزن بيروت انعكس على فؤادي أَم إن حزني هو الذي منعني من فرحة بيروت.. ام منعتني أنت.. لماذا لم تتركني و شأني؟ لِمَ لاحَقتَني؟ لماذا رأيتك في جميع أركان بلد الأرز؟ من جونيا إلى عالية لم أرى إلا طيوفك..

للأسف يا عزيزي رحيلي لم يزدني إلا قرباً و حنيناً إليك.. فالرحيل عنك صعب.. صعبٌ جداً يفوق طاقتي.. فرجوتك يا سيدي ارحل أنتَ عني.. ارحل دون مقدمات.. ارحل ولا تزُر بيروت.. لعلي أجد في رحيلك ذاتي التي تعلقت بوصالك..

هذه يا حبيبي مطالبي.. رجوتك أن تحقق لي ايها طالما عجزت أنا عن تحقيقها..

الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

رحيل

اتخذتُ الرحيلَ قراراً.. أن أرحل عنك.. و عن جمالك و عن عذابك و عن كلك.. فما حيلتي؟ ماذا عساي أن افعل؟ بعد أن غبت.. بعد أن بدأ غيرك مزاحمتك على مكانك في قلبي؟ أأحبك أم أحبه؟
و السؤال الأكثر واقعية هنا.. أتحبني أم يحبني هو؟ لماذا أرى بوادر الحب على محياه؟ و لماذا اراه يرسل لي إشارات حبٍ لم ترسل لي أنت مثلها من قبل؟

يُحبني و أحبك.. أواه لهذا التعقيد.. أحاول جاهدة أن أُبعده عني.. و ما أستقبل منه الا التقرب أكثر و أكثر.. و أنت.. ماذا أفعل بحبي لك؟ أخذل حبه من أجل حبك و لا حياة لمن أنادي.. نسيتني أو تناسيتني.. أو ربما قررت أنت أن تتجاهل ذلك الطوفان الذي يغمرني و لا يملأ حتى ربع مساحة عينك..

قل لي.. قل لي يا أحلى و يا أمر عذاب حصل أو يمكن أن يحصل لي.. قل لي كيف أتصرف.. إن كنت تحبني فأنا اليوم بين يديك و لك مطلق الحرية في أن تحبسني بين قبضتيك أو أن تتركني حرة طليقة.. أتحرر منك و من عذابك و لكنني لا أعتقد أنني سأتحرر من حبك ما حييت.. فلنفترض يا سيدي انك تركتني.. كيف سأُحب من بعدك؟ كيف سيكون بقلبي مكان لغيرك؟ كيف سأنساك؟ كيف سأعيش؟

قل لي يا سيدي ماذا افعل بالآخر.. كيف أقول له أن قلبي يتكون من حجرة واحدة.. ينام فيها معذبي.. و عيناي لا يملوها الا سبب شقائي.. كيف أخبره انه يستحق امرأة تحبه بصدق.. كما أحب أنا ناسيني.. كيف أخبره أن يداي ترفض إلا ملامسة يديه و مسمعي يأبى سماع غيره من الاصوات..

هل أسمح له بحبي؟ فالحياة مع من يحبكِ جنة و الحياة مع من تحبيه جحيم.. أليس هذا ما يقال؟ أليس هذا ما يقبله المنطق؟ هل ستكون حياتي جميلة مع من يحبني أم ستكون تعيسة بذكراك؟

أعتقد انك عرفت تماماً ما يدور في خاطري الان.. و ما يُشقي قلبي.. و بعد كل هذه المناوشات مع فكري قررت أنا بعيدة كل البعد عن قلبي و عن جميع مشاعري.. قررت أن أرحل.. أرح عنك و عنه و عن الجميع.. اعتنق حزني لفترة.. اتخذ الأزهار و الغيوم علاج.. لعل و عسى أن أجد نفسي.. أن يرتاح قلبي.. أن أنام أخيرا قريرة العين.. دون أن أفكر لساعاتٍ و ساعات يحبي لك و خذلاني له..

قررت أخيراً أن لا أحب.. لا أحبك.. ولا أحبه.. ولا أحب الا نفسي.. نفسي التي تركتها تهيم بك و تحزن عليه.. حان الوقت لأراضيها و لأعوضها ساعات العذاب و أيام الشقاء..


فوداعاً يا حبيبي.. وداعاً يا سيدي.. وداعاً يا عذابي.. 

الأحد، 28 سبتمبر 2014

عذابي

- أتحبيه؟
أعشقه..
- كيف؟ أليس هو سبب عذابِك؟
أحبه ليس لسبب, أنا فقط أعشق تلك الابتسامة.. و أذوب عند سماع ذلك الصوت.. و يميل قلبي إليه أينما توجه.. و إن كان حبه لا يتحقق إلا بالعذاب, فأهلاً به و أهلاً بعذابه.. كم هو جميل ذلك العذاب الذي يأتي منه, استقبله بصدرٍ رحب فقط لأنه منك.. لا تستغرب.. فقليل حبه يكفيني و جميل كلماته تحييني و نظراته لي تغنيني عن الدنيا و ما فيها.. أليس هذا هو الحب؟ أخطأ من قال أن الحب عبارة عن دنيا وردية لا يشوبها عيوب و لا يملأها إلا الجمال.. فالحب بحر و البحر لا ينتهي عند مرور الأعاصير.. و أنا يا سيدي عاشقة إعصاري و أرفض غيره من الأعاصير..

- لو يعود بكِ الزمن.. هل ستسمحين لنفسك بحبه مرةٍ أخرى؟
على الرغم من كثرة العقبات.. و على الرغم من فقر الوصل.. لو يعود بي الزمن بدل المرة ألف مرة.. سأعود لحبه و سأعود لعشقه.. و سأعود لعذابه في كل مرة.. فكيف للمرء أن يعيش بلا هواء؟ نعم.. هو هوائي, هو نَفَسي و هو دُنيتي كلها..

أُبشرك يا معذبي.. لن أقبل بمعذبٍ سواك..  

السبت، 27 سبتمبر 2014

24

في مثل هذه الليلة.. منذ سنة.. التقينا.. أو بالأحرى لقيتك..
ربما لم تَرَني من شدة الزحام.. او من شدة التوتر.. أو من شدة الخجل.. لم ترَوجهٌ تحولت الوانه عندما لمحك..


التقينا أول مرة في حادثة غريبة, لم ارتب لها أيما ترتيب.. لم أكن أعرف من تكون, لم أكن أدري بوجودك.. و أتيت.. حضرت معك هيبتك.. حضر معك وقارك.. حضرت معك سماحة ابتسامتك.. فبت اتساءل.. من هو؟ من يكون؟ لم أكن أعرف حينها أنك حبيبي القادم.. لم أكن أعرف حينها انك معذبي القادم..

قررت يومها ان اتناساك, فأنا لم أؤمن يوماً بالحب من النظرةِ الاولى.. و لكن لم ينسانا القدر.. لتجمعني بك صدفة غريبة.. و بعدها صدف أغرب.. و بعدها صدف متعمدة.. فزادت و زانت لي تلك المواعيد المرتبة على هيئة مصادفاتٍ عفوية.. كم كنت افرح بها.. كم كنت افرح بتلك الابتسامات الطفولية عند لقاء العيون.. كم كنت افرح بصوتك عند ذكرك لاسمي.. فآهٌ لجمال المصادفات و آهٌ لجمال كلماتك..

تحولت النظرات و المصادفات الى محادثاتٍ بسيطة.. ثم الى محادثاتٍ مطولة.. فتوقف الحال على تلك المحادثات و النظرات.. اصبحنا في وسط فوضى لا ادري كيف خُلقت.. هي علاقة و ليست علاقة.. صداقة و ليست صداقة.. زمالة و ليست زمالة.. ما هذا؟ من نحن؟ من نكون؟
لا أعرف و لا تعرف و لكن لا يهم.. طالما احمل في قلبي لشخصك كل الحب في هذا الكون.. لا يهم ان كنت أعيش في شبه علاقة يا سيدي.. و ان كنت تحمل لي نفس القدر من الحب سيكشف ذلك القدر و ستكون لي.. ستكون حبي.. ستكون كلي..

الاثنين، 22 سبتمبر 2014

صمت..

كان لها مجموعة بسيطة من الصداقات الذكورية, و مجموعة أكبر من الزَمالات.. يحتلون جميعهم نفس المكانة في حياتها.. تعاملهم تماماً كما تعامل زميلاتها الاناث, فهي هكذا لم تفرق في يوم بين رجل و امرأة..
كانت ترى أن مصلحتها الشخصية يجب أن تتصدر كل أهدافها فكان لها عدد ضئيل من الصداقات المقربة.. اما باقي علاقاتها فكانت تعتبرها مجرد سلوك اجتماعي ذو نتيجة ايجابية..

الى أن تعرفت عليك.. غاصت في أعماقك.. تشَربت بك.. تقمصت شخصيتك.. استدركت خلال تلك اللحظات انكَ لستَ مجرد زميلٌ عابر.. او صديق من أصدقائها.. بدأ ينتابها شعورٍ جديد.. شعورٍ جميل.. يحمل أمطاراً و دفئ.. حنية و قسوة.. عتمة و ضوء.. لم تشعر بكل هذه العواطف تجتاحها من قبل.. ما هذا الشعور؟ تساءلت.. أيعقل.. أيعقل أنها تحب؟ هي التي حاصرت نفسها بين الكتب.. تشعر أخيراً بما ذُكر فيها من شوق و لهفة و اعجاب؟ بدأت أيامها تزين.. تُشرق بشمسٍ من نوعٍ آخر.. شمس وردية.. شمس حنونة.. كل تلك العواطف و هو لا يدري ما الذي يدور حوله.. تتغير لهجتها عند التحدث معه و يحمر وجهها و تتشابك أصابعها.. فتتلعثم المسكينة في حديثها.

و هو؟ ماذا عنه هو؟ كلما حدثته اشاح نظره في عدة اتجاهات.. يسترق النظرات و لكنه لا ينظر اليها, و كأن في ذلك متعة من نوعٍ خاص.. التلاعب بتلك النظرات الجريئة الخجولة.. و بعد أن لاحظ هو نظراته بدأ يتساءل.. ما هذا؟ أيعقل انه وقع في شباك الحب؟ شباك؟ يا لها من كلمة قاسية! كيف لكل هذا الجمال أن يكون شباك؟ ربما كانت خيوط من ذهب تحيط به و بها عندما يتبادلان الحديث..

و إلى اليوم باتت هي تحبه بصمت. تدعوه صديق.. و لكن في أعماقها تعرف أن لا حب يسكن فؤادها الا هو.. ولا تحلو الاحاديث الا معه هو..
و بات هو يشتاق اليها بصمت.. يدعوها زميلة و لكنه يعرف جيداً أن لا معنى للوقت بدونها, و تكون الدقائق كالسنين في غيابها.. فقرروا المتحابين بصمت ألا يجاهروا بحبهم حتى إشعار آخر..

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

سيدي القاضي

يا من تخبأ اسمه بين سطوري..
يا من طُبعت ذكراه في قلبي..
يا من حُفر صوته في مسمعي..
هل لي بسؤالٍ بسيط؟ سؤالٍ عميق؟ سؤالٍ جميل؟ سؤالٍ جريح؟

لماذا؟ لماذا يا سيدي ارتكبتَ جُرمك و هربت؟ إن كنت تتساءل عن الجرم الذي ارتكبته فاسمح لي أن أشرح لكَ بإيجاز.. و سأعطيك بعدها مطرقة القاضي لتحكم بنفسك على نفسك..

يا حضرة المتهم القاضي.. في يومٍ ما تركت أُنثى جميلة تخطو أولى خطواتها في دربٍ طويل يسمى الحب.. فأحبتك و أحبتك و أحبتك.. لم تعرف ما هو الحب الا في دربك.. و لم يحمَر وجهها خجلاً إلا في حضورك.. و لم ينتابها شعور الأمان إلا بقربك.. و لم تشعر يوماً بالدفء إلا عند محادثتك.. فهامت تلك المسكينة في دروبك لا ترى الا ابتسامتك و لا يضيئ يومها إلا بياض عيناك.. لتستيقظ أخيراً من حلمها الجميل في دروبك الوردية على يومٍ مظلم.. تبدلت فيه دروبك أجمعين.. فتحول درب الحب إلى درب فراق و درب الشوق إلى درب البكاء..

و في كل صباح تثابر أنثاك على استعادة تلك الدروب.. دروب حبها و حبيبها.. فتبوء جميع محاولاتها بالفشل.. ربما لأنها أحبتك أكثر مما ينبغي.. أو ربما لَم تحبها أنت بالقدر الكافي.. أو ربما كانت تلك مشيئة الرب.. أو ربما.. أو ربما.. أو ربما..

لكنها بعد كل تلك العثرات لم تستسلم, فقط لأنها أحبتك بصدق! فقررت الالتجاء إلى قاضي العشق تشكوه نزاعها مع الحب على الحب.. لعله يسجنك و لا تزورك إلا هي.. أو ربما يوقع عليك غرامة حبها ما حييت..  أو ربما يعدمكما سوياً.. و بع ان قَدمت أقوالي يا سيدي القاضي, أرجو من سيادتك أن تحكم عليك و علي بالحب المؤبد مع تشديد العقوبة..
 

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

هي..

ارتدت فستانها المفضل...
أسدلت شعرها على كتفيها...
زينت خضرة عينيها بكحلةٍ سوداء...
و شفتاها بلون الورد...

إلى أين؟ إلى الملتقى..
انتظرت.. و انتظرت.. و انتظرت..
مرت الساعة الاولى.. أثنت عليها صديقاتها..
مرت الساعة الثانية.. حاول بعضهم التقرب منها..
مرت الساعة الثالثة.. تجرأ بعضهم الأخر بمخاطبتها..
مرت الساعة الرابعة.. فشلت محاولاتها بتشتيت الفكر عنه..
و هكذا مرت ساعاتها و لم يمر هو.. حادثت الجميع و لم تحادثه هو.. عشقها الجميع و نساها هو..

ترددت, أتعود إلى دارها أم تستمر في موعدها مع الانتظار.. و باسم الحب قررت الانتظار, إلى أن خلت الشوارع.. أظلمت الدنيا و لم يبقى في ذلك الفضاء إلا دموع عينيها..

مكسورةٌ هي.. متثاقلة الخطى.. تعود إلى ديارها.. كحلها الأسود بات بين يديها.. لا تدري كيف تواجه نفسها.. فتساءلت.. أين هو؟

أين هو؟ هو يا صغيرتي في سباتٍ عميق.. يعد نجماته بعد أن كنتِ أنتِ سماؤه.. و على ما يبدو سيكون سباته طويل..طويلٌ جداً.. فاهربي منه, تمسكي بالنسيان و اتركي الحزن لذلك الفستان الجميل, ولكن إياكِ يا عزيزتي أن تلجئ إلى الكتابة.. فبالكتابة تكونين قد مجدتِ خيبته.. و دفنتِ فؤادك.. 

الأحد، 14 سبتمبر 2014

زهرتي

الَم يخبرك أحدٌ من قبل أنك كالأزهار؟
فهي جميلة كجمال عينيك..
رقيقة ككلماتك..
غالية كمكانتك في قلبي..
جارحة كغيابك..
ذابلة كاهتمامك..
منتهية كحبك..
و تخلف ورائها العديد العديد من الفوضى و الأوراق المتساقطة.. تماماً كالذي خلفه رحيلك في كياني.. فوضى عارمة اجتاحتني و لازلت أعاني آثارها..

و لكن ألا تدري يا سيدي أنني كالأرض؟
لا تكسب الزهور حياتها إلا مني..
و لا تستقي رقتها إلا مني..
و لا يكون لها ثمنٌ إلا عندما تُقتلع من قلبي..
فما الزهور يا سيدي إلا إنتاج أراضيها, فتموت يا عزيزي الأزهار و لا تموت أراضيها..
فيا زهرتي ارحلي مع دخول الخريف, ألستِ من اختار الرحيل؟ إذاً فلينتهي مطافك بأنينةٍ رخيصةٍ تذبلين فيها إلى أن تختفي..


 

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

يا أنت..

أنت يا أول حروفي و آخرها و ما توسطها...
أنت يا حب زرع في أحشائي...
أنت يا موسيقاي المفضلة...
أنت يا دافع الاشواق و شاريها...
أنت يا أجمل ما كَتبت و قَرأت...
أنت يا نبيذ لم يعتَق الا في قلبي...
أنت يا صيحة حبٍ لم تفارق مسامعي...
أنت يا أيامي و ساعاتي و أجمل أوقاتي...
أنت يا راسم البسمة على شفتاي...
أنت يا يميني و شمالي و جميع اتجاهاتي...

أنت يا سيدي.. يا من خطفتني من دنياي إلى دنيا باتت جميلة, أصبحت موحشة...
أنت يا سيدي.. يا من سرقت أشواقي و خبأتها في صندوقٍ بعيدٍ عن ناظري...
أنت يا سيدي.. يا من أحببت.. يا من أُحب.. يا من سأُحب..

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

أيلول

بعيدك وددت أن أكتب لك كلمة..
كل عام و أنتَ بخير..

و لكن ماذا عن قلمي الذي اعتاد الاسهاب بالكتابة عندما تكون أنت موضوعه؟ كيف لي أن أُرضي غروره إلا باطلاق العنان لحبره؟ 

إذاً فاليوم هو عيدك.. عيدك الاول؟ عيدك البعيد؟ ام عيدك الغريب؟ 

هذه اول مرة اكتب لك بمناسبة ذكرى ميلادك.. التاريخ الذي قرر أن يبيت في عقلي أو ربما قلبي لشهورٍ طويلة.. فيستيقظ اليوم ليذكرني بوجوده و وجودك..

صباح الخير يا تاريخه.. صباح الخير يا من رحل صاحبك و لم ترحل.. يا من غدر صاحبك و لم تغدر.. يا من أحببت صاحبك و لم أحبك..

أعتذر يا صديقي الصغير ذو الارقام التعيسة.. اعتذر لأنني كرهتك.. فلمَ لم تغادر مع من غادر قبل حضورك؟ لمَ لم تتركني و ترحل لتبات في جوارح غيري؟ 

أهو من أوصاك بالبقاء لتزيدني لوعةً و شقاء؟  ام لتذكرني بمدى شوقي له بين حينٍ و حين..

آه يا سيدي الغائب لو تدري ماذا فعل بي تاريخك الشقي منذ دخول سبتمبر.. ذلك الشهر اللعين الذي امتلأ بالغيوم القطنية و تلحف بسماء وردية..
الا يكفيك ان تذكرني بك ارقام صغيرة؟ او شهر متعدد الاسماء؟ أأوصيت السماء علي؟ 
ام كانت هذه ارادة الكون.. الذي يدفعني لذكراك.. و حبك.. و الامساك بقلمي للكتابة لك عنك..

ليتك يا حبيبي تستطيع رؤية الدنيا بعيناي.. لتعلم أن الكون كله كونك.. و أن الشهور كلها شهورك.. و الغيوم غيومك.. و كل الحب يا سيدي هو حبك..
فكل عام يا حبيبي و انت غيمتيي..☁

الأحد، 31 أغسطس 2014

دعائي

ربي اكتب لي فيما تحب نصيب, و ابعد عني كل ما يحمل لي شراً...

كانت تلك دعوتي قبل عامٍ تقريباً.. و للدقة.. قبل أن ألتقيك...

تلك الصدفة الجميلة التي رمتك في دربي.. أتذكر يا سيدي أول مرةٍ التقينا فيها؟ ما الذي حدث؟ لا أذكر إلا أنها كانت أجمل صدفةٍ في أتعس ليلة... ليلة تحتم مصير سنةٍ بأكملها.. لماذا شدني ذلك الشكل المنهك عديم الترتيب؟ و الذي لا يحمل أي صورةٍ من صور الأناقة أو الوسامة.. ربما كانت تلك الهيبة التي سكنتك.. او رما كان ذلك الصوت الذي أسكت الجميع عندما بدأ الحديث..
يا سيدي أنا فعلاً لا أدري ما الذي حدث, و لم أدرك نفسي إلا بعدما هام قلبي و فكري و جميع جوارحي, أصبحت لا أرى إلا وجهك.. ولا أنطق إلا باسمك..

و بعدها ماذا؟ تحية.. سلام.. كلمة.. سؤال.. جملة.. فحديث, و ياه كم كانت تلك الاحاديث رغم بساطتها قريبةٌ إلى قلبي.. كانت تأخذني من خلف تلك الشاشة الصغيرة في يدي و تزرعني في إحدى الغيمات إلى أن ينتهي الحديث فأنزل من غيمتي كقطرة مطرٍ محملة بنشوة الحب بعد تلك الأحاديث..

إلى أن أتى ذلك اليوم.. يوم النميمة العظمى سأسميه.. تجلس مجموعة من محبات "الاحاديث النميمية" و تبدأ المناوشات و المزايدات في حياة الناس الخاصة.. و إذا بأحد تلك "النميمات" تقع علي كالصاعقة.. تمحو غيومي و أمطاري بل و تحولها الى صقيعٌ جاف, جمد أفكاري.. إذاً هو على علاقة بأخرى.. و هكذا بدأ الوسواس ينهش في كل مساحةٍ من فكري.. و إذا بي أقرر أن أتركك و شأنك و لكن للأسف لم تكن تلك رغبة قلبي المسكين.. الذي رأى فيك ما لم يراه في غيرك.. فلم يستجب لرغبتي بالانسحاب.. بل قرر أن يغير دعواتي من (طلب النصيب بما هو خير لي) إلى دعوةٍ جميلة بات يرددها كل ليلة: (اللهم اني احببت عبدك فيك, فان كنت تراه خيراً لي اجعله من نصيبي.. و إن لم يكن خير, فيا رب اهده و سخره لي و اكتب لي فيما أحببت نصيب..)  

السبت، 23 أغسطس 2014

غاليتي

يا صاحبة الابتسامة الدافئة..
يا صاحبة الصوت الرقيق..
يا صاحبة العينين الجميلتين..
وددت يا غاليتي أن تقبلي رسالتي التي تحمل لك مشاعر لم تشهدها معشوقة قبلك..
في البداية, اريد ان اعبر لك عن كم الامتنان الذي احمله لك..
و كيف لا احمل كل هذا الامتنان و انت من غفرت لي كل خطاياي.. انت التي شكيت لك كل همومي.. و انت التي ثابرت على الاستماع دون كلل او ملل.. انت التي توليتي مهمة تشجيعي و تنويري مهما كانت افكاري مجنونة.. و انت يا غاليتي التي زرعتي قبلة على جبيني في كل صباح..
انت يا امي كنتي و لا تزالين مصدر حبي و سعادتي في هذا الكون.. فلا حب يا امي كالذي اكنه لك.. ولا سعادة تغمرني كالتي كنت اشعر بها في وجودك..
ولا تزالين يا غاليتي تملئين وجودي.. اراك حولي في كل مكان.. احملك معي في الجانب الايسر من صدري اينما ذهبت..
رحيلك الجسدي يا امي, و ان افتقدته, لا يعني رحيلك الروحي.. و كم اتمنى ان تقبل هذه الروح الطاهرة كلماتي.. و حبي.. و دعائي.. كما اتمنى ان تمنحني بركتها و رضاها.. 

الخميس، 21 أغسطس 2014

ليتني ولدت في زمن الكتابة..

ليتني ولدت في زمن الكتابة..

ربما لأنني لا اعرف كيف اعبر لك عن حبي الا بالكتابة..
او ربما لأنني اخجل من ان احدثك صراحة..
او ربما لأنني لا احبك الا و انت بين يدي.. و انت في حبري و على اوراقي.. فأنا لا املكك الا على هذه الصفحات.. انت ملكيتي الفكرية لا اكثر..
انت حبري.. انت اقلامي و انت اوراقي..
لو كنت ولدت في زمن المكاتيب و الرسائل لأهديتك كتاباتي.. بل و اضفت لها زهرة جميلة و كلمات اغنية لام كلثوم..
لأحببتك ذلك الحب الصادق الجميل.. حب الاغاني الكلاسيكية.. حب المدونات الشعرية.. حب عراقة المدن العربية..
و لكننا في زمن العولمة و الالكترونيات و (اللا رسائل) فلا شك ان حبي سيحذف او يلغى او يعاد برمجته..
فلا جدوى يا سيدي من رسائلي ولا من حبي..
عش انت زمانك و سأعيش انا زمان رسائلي..